هي ظاهرة يعاني منها الكثير من أولياء الأمور مع أطفالهم ممّن فضّلوا الجلوس في المنزل على الذهاب للمدرسة. ما هي الأسباب التي من الممكن أن تدفع الطفل للغياب عن المدرسة، وكيف يمكن مواجهة رغبة الطفل هذه ومعالجتها؟
هناك من يجد أنّ الأسباب التي تحول دون ذهاب الطفل إلى المدرسة في أغلب الأحيان تنحصر بالجانب النفسي، وما قد يعانيه من أمور تنحصر داخل المدرسة كسوء المعاملة من المدرّس، أو طريقة معاملة زملائه له.
وشريحة أخرى تجد أنّ غياب الطفل عن المدرسة في بعض الأحيان لا يكون بسبب أمر بحدّ ذاته، وما هو سوى “دلع”؛ لعدم رغبته في الاستيقاظ مبكراً،وما يراه من حمل ثقيل وضغط في الحصص والواجبات، فيسيطر عليه الكسل. وهنا، على الأهل التنبّه لمثل هذه الحالات وعدم مجاراة رغبة الطفل تلك في الغياب وإهمالها، لما سيترتّب عليها من آثار سلبية، تترك آثاراً على شخصيته مستقبلاً، إضافة إلى ما سيصاحبها من تدني مستوى تحصيله العلمي.
المرشدة الاجتماعية في مدارس الأكاديمية التربوية الحديثة في عمان “سماح النبتيتي” تقول: “إنّ من أهمّ الأسباب التي تدفع الطفل للغياب عن المدرسة وأكثرها انتشاراً، وتمّ إجراء الكثير من الأبحاث عنها في الآونة الأخيرة ، ظاهرة تسمّى في علم النفس “التنمر”، وهو شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجّه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف (في الغالب جسدياً)، ويأخذ أشكالاً متعدّدة إما بالضرب أو إطلاق ألقاب غير مستحبّة، أو الاستيلاء على أشياء تخصّه كالمصروف أو الطعام ، فيكون الطفل “المتنمر عليه” في هذه الحالة هو الضحية والحلقة الأضعف ، ما يدفعه إلى رفض الذهاب للمدرسة.
وهنا، يكون للدور الارشادي دور مهمّ من حيث تشجيع الآباء والمدرّسين والمتفرجين على الإبلاغ عن أي حادثة “للتنمر” بدلاً من التغاضي عنها، والاجتماع بأولياء أمور الطلاب الذين يمارسون هذا “التنمر” وتوعيتهم ، إضافة إلى دور المدرسة من خلال توفير أجواء تحول دون وقوع أعمال التنمر أو تراقبها بصرامة.
إشارة إلى أنّ هذا السلوك العدواني “التنمر” قد يكون الطفل في كثير من الأحيان اكتسبه من داخل المنزل ، فيتمّ تنويه الأسرة إلى ضرورة تجنّب الأعمال العدوانية، عن طريق توعية الآباء الذين يصرخون أو يستخدمون أسلوب الضرب و يتصرّفون بشكل عدواني تجاه أطفالهم.
أما الطفل ضحية “التنمر” فتتمّ مساعدته على تخطّي ما تعرّض له من إيذاء، سواء كان نفسياً أو جسدياً من خلال تعزيز معنوياته وقدرته لمواجهة المتنمّرين وتحدّيهم.
أسباب كثيرة ومتنوّعة تقف وراء رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة نذكر منها على سبيل المثال،أنّ الطفل في أحيان كثيرة يجد صعوبة في تحمّل أعباء الدراسة والواجبات التي يكلّف بها وعدم قدرته على إتمامها. وفي هذه الحالة، فإنّ غياب اهتمام الأهل والرقابة قد يساهم في تفاقم المشكلة، وبالتالي غياب الطفل المتكرّر ما سيؤثر حتماً على مستوى تحصيله الدراسي.
كما نوّهت الاختصاصية إلى أنّ هناك حالات كثيرة من هؤلاء الأطفال ممّن لم يستطيعوا تحمّل أعباء الدراسة تم الاكتشاف لاحقاً أنّ المشكلة ليست مجرد تقصير وإهمال من الطالب، بل مواجهة بعضهم صعوبة في التعلّم. وفي هذه الحالة، يتم توجيه الأهل بإلحاق أطفالهم بمدارس مختصة بصعوبات التعلّم.
وأشارت إلى أنّ السبب الذي بات أكثر انتشاراً، ويكاد يكون الأكثر شيوعأً بين الأطفال، خوف الطفل من “العقاب” وسوء المعاملة التي قد يتعرّض له من قبل بعض المدرّسين ما يدفعه إلى رفض الذهاب للمدرسة. وهنا، ترى المرشدة الاجتماعية أنّ أهمية دورها تكمن في قيامها بالتحدّث مع الطفل والمدرّس على السواء، بحيث تبدّد شعور الكره لدى الطفل اتجاه المعلم، وترشده إلى أهمية دوره كطالب يقوم بواجباته على أكمل وجه، وفي الوقت ذاته تلفت عناية المدرّس دون الإساءة لشخصه بعدم تكرار تصرّفه الذي سيترك آثاراً نفسية كثيرة تعود بالسلبية على الطفل.