ولدت فكرة بحث لدي* عندما وجدت مشكله لأم تشكو “إبني في السابعة من عمره، خجول بطبعه ظهرت لديه مشكلة في الكلام حيث بدأ يكرر الحروف الأولى من الكلمات وينطقها بصعوبة، وحدثت هذه الأعراض منذ شهر بعد أن عاقبه والده بشدة بسبب تشاجره مع زميله وتلفظه بألفاظ سيئة، رغم أن والده لا يعاقبه ويحبه ويغمره بعطفه وحنانه ويلبي له كل طلباته. الرجاء إفادتي لأن حالة طفلي سببت تعاسة وتوتراً لجميع أفراد الأسرة. ”
إن مشكلة تسمى (اللعثمة) وهي إحدى اضطرابات الاتصال لدى الأطفال، وتتعدد أسبابها فمنها العضوية مثل الخلل في الإدراك السمعي والإصابات العضوية مثل إصابات الدماغ أو اللحمية أو إصابة الجهاز التنفسي، أو تعود اللعثمة إلى أسباب نفسية مثل أساليب المعاملة الوالدية الخاطئة كالصرامة الشديدة أو الحماية الزائدة أو التناقض في المعاملة.
كذلك فإن التلعثم يعتبر كرد فعل للضغط النفسي والتوتر النفسي الأسري والاجتماعي، وقد يكون التلعثم هو الطريقة التي يعبر بها الطفل عن القلق والخوف، وتعد اللعثمة من وجهة نظر التحليل النفسي تعبيراً عن محفزات عدوانية لفظية لا يستطيع الطفل التعبير عنها بسبب رفض المجتمع لها.
إن قلق وتوتر الآباء يزيد من أعراض التلعثم لدى أطفالهم لذلك يجب تهيئة ظروف البيت خاصة من قبل الأب لأن استجابة طفلك هي استجابة طبيعية لظروف غير طبيعية، وما يعانيه هو عبارة عن لعثمة سببها موقف فجر صراعاً نفسياً مع وجود عوامل مرسبة ساعدت على ظهور التلعثم مثل الحماية الزائدة، أما الصراع الذي يبدو في حالة طفلك فهو صراع صاحبه عدم فقدان التأييد الاجتماعي والأسري في مقابل ضغوط العدوانية لديه الناتجة عن التشاجر مع زميله والعقاب من قبل الأب الذي لم يكن يتوقعه خصوصاً أن الأب أظهر حماية زائدة للطفل فيما سبق. ولما كان العقاب الشديد من الأب لتلفظه بألفاظ نابية فإن الطفل استجاب لذلك بكف جزئي لقدرته على الكلام كتعبير عن الصراع.
وننصحها بالآتي :
“لا تتوتري وتقلقي وما عليك إلا أن تعملي على إدخال الهدوء والسكينة وخفض درجة القلق في أسرتك ، تحدثي معه أمام مجموعة من أصدقائه يحبهم ويرتاح لهم مع تقديم المكافأت له ، وإعملي على بناء الثقة بالنفس ، وعززي معنى الاستقلالية لدى طفلك من خلال طلب مهام بسيطة يستطيع إنجازها ، إن الهدوء وخفض التوتر وتعزيز السلوكيات الإيجابية والمرغوبة بالمكافأة وعدم التركيز على اللعثمة قد تساعد على تخلص الطفل من الاعراض بسرعة معقولة”
فاللجلجة التلعثم التهتهة ؛ كلها مصطلحات عربية تعبر عن الكلام المضطرب الذي يتضمن تكرار الاصوات والمقاطع الصوتية ، والتردد اثناء الكلام ، التوقف اللاإرادي ، وعدم الكلام بطلاقه.
لقد تم التعرف على ظاهرة اللجلجة كمشكلة منذ زمن سحيق حيث يرجع تاريخها الى عصور مصر القديمة ,ولقد عرف ذلك من رموز معينة تم إكتشافها فى الهيروعليفبة،كما ذكرت فى الإنجيل بواسطة الفلاسفة القدماء , ولقد قيل : ان سيدنا موسى(علية السلام)مصاب باللجلجة, و كذلك ارسطوAristotleوآيسوبAesopوديموستينسDemosthenesوفى عصرنا الحاضر وينستون تشرشلWinston Sir Churchill والملك جورج السادس King Georgeوغيرهم كثيرون.
تعد اللجلجة التلعثم اكثر انتشارا فى الاعمار من السنة الثانية الى السنة الثالثة ومن السنة السادسة الى السابعة ومن السنة الحادية عشر الى الثانية عشر والتلعثم من السنة الثانية الى الثالثة ليس تلعثما حقيقيا بل هى طبيعة هذه السن فى الاطفال حيث لا يتقنون اللغة جيدا ويتلمسون الحروف والكلمات اثناء الكلام فيبدوا كلامهم متلعثما ولذلك فهذه الحالة فى هذه السن حالة مرحلية بحتة اما من سن السادسة حتى السابعة فهى السن التى يتعرض فيها الطفل لضغوط المدرسة والنظام الجديد فى الحياة من حيث الاستيقاظ والنوم مبكرا والواجبات المدرسية والبعد عن الحنان العائلى والام من الصباح الباكر وكل هذه العوامل تشكل ضغوطا نفسية شديدة على الطفل وتنعكس على طريقته فى الكلام فيصاب بالتلعثم .
اما فى سن الحادية عشر والثانية عشر فهى سن الدخول من باب المراهقة وما يصاب ذلك من ضغوط نفسية بعضها دينى وتقليدى واسرى والاخر من زملائه ومن اقرانه فى المدرسة
يعتبرالتلعثم أكثر عيوب النطق شيوعا وتتراوح نسبتة فى معظم الإحصاءات من (1-3 فى المائة)فى أطفال المدارس.وهى نسبة تتطلب عناية القائمين على رعاية الأطفال سواء فى مجالات الطب أو التربية, لأن مثل هذة العيوب إن لم تعالج فى الوقت المناسب فقد تؤدى إلى عواقب وخيمة فى نفسية الطفل حيث يتعرض لسخرية زملائة لعدم قدرتة على إستخدام اللغة بطلاقة مما يجعلة يؤثر الوحدة و ينزوى عن أقرانة و يترسب فى أعماقة من السلبيات ما يجعلة عرضة للمرض النفسى فى المستقبل
تعد اللجلجة من اكثر اضطرابات النطق والكلامالتى اثارت جدل المتخصصين حول اسبابها حيث تعددت وجهات النظر بشأنها
فلا شك فى ان كثيرا من الضغوط النفسية قد تسبق او تصاحب او تأتى بعد حدوث التلعثم فى صورة او اخرى, فالمعاملة السيئة والخشونة مع الطفل فى المنزل او فى المدرسة قد تكون السبب فى التلعثم واى هبوط او ضعف مفاجىء فى صحة الطفل قد يؤدى الى بدء التلعثم عندة
و لما كانت اللجلجة راجعة فى اكثر الاحيان لأسباب سيكولوجية كان لنا ان نحاول علاجها عن طريق برامج الارشاد النفسى المختلفة ,حيث ان التوجية والارشاد النفسى حق لكل مواطن وهو بالتالى حق لكل طالب فى مدارسنا.
و بناء على ان اللجلجة غالبا ما تكون مرتبطة بشخصية مضطربة وتحتاج لعلاج نفسى بالاضافة الى علاج كلامى ومن اهم طرق العلاج النفسى العلاج باللعب الجماعى الغير موجة وذلك للاسباب الاتية:
1-جلسة اللعب تساعد الطفل على التعبير عن مشاعر التوتر,الاحباط , عدم الامن , الخوف, بل تشجعة على التنفيس حتى يتم التحرر من التوتر العصبى.
2-إتاحة الفرصة لإكتشاف الذات و الذات فى علاقتها بالاخرين حتى يكون بمقدرة الطفل تقبل ذاتة وإحترامها و إحترام الأخرين.
3-إشباع حاجة الطفل للتقدير والإستقلال.
وبما ان اللعب لة اهمية كبيرة فى تكوين شخصية الفرد ,فضلا عن انها احد المفردات الرئيسية فى عالم الطفل كما إنها إحدى ادوات التعلم و إكتساب الخبرة ,لذلك يعتبر اللعب فى منظور علماء النفس و التربية ورقة فى غاية الاهمية فى ملف الطفولة ,لذا يعد اللعب مدخلا اساسيا لنمو الطفل فى الجوانب العقلية و الجسمية و الاجتماعية و الاخلاقية و المعرفية و الانفعالية و اللغوية.
فضلا عن ذلك فإن اللعب هو لغة الطفل الرمزية للتعبير عن الذات فمن خلال تعاملة مع اللعب يمكن ان نفهم عنة الكثير فهو يكشف عن مشاعرة بالنسبة لنفسة و بالنسبة للاشخاص المهمين فى حياتة و الاحداث التى مرت بة بحيث نستطيع ان نقول بان اللعب هو حديث الطفل وان اللعب هو كلماتة
واللعب هو النشاط الوحيد الذي لايهدف الإنسان حين يمارسه الى غرض محدد سويى النتعة الناتجة عن اللعب ذاته ، فهو كالفن ويؤدي الى سرور وارتياح بلا هدف
و لللعب أغراض تشخيصية علاجية تتمثل فى:
· ان المشاعر او النزاعات العدوانية التى توجة معالج الاطفال المصابين بالقلق النفسى اثناء اجراءاتة العلاجية تعوزها اداة تعين على اظهار هذة المشاعر و تجسيمها فى جو من اللعب وقد تبين انة من خلال ممارسة الاطفال المصابين باللجلجة العابا حرة خالية من القيود قد تبرز رغباتهم المكبوتة من ثناي لعبهم.
· الاشتراك فى اللعب بين المصاب باللجلجة و رفاقة الاخرين اداة ناجحة لاستئناس المصاب.
ويذكر أحمد بلقيس أنه يتخلص الطفل عن طريق اللعب من التوتر الذى يتولد او يتجمع لدية نتيجة القيود و الضغوط المختلفة التى تفرض علية كما يشكل اللعب وسيلة من احسن الوسائل للتخلص من الكبت اى ان الاتزان يحدث بعد ان يتخلص الطفل عن طريق اللعب من التوتر و من الكبت . فالطفل الذى يعاقبة الكبار بالضرب و يعجز عن الرد على ذلك بضربهم يشعر بالتوتر و اختلال التوازن من الناحية الانفعالية فيحاول استعادة التوازن و التخلص مما لحقة من توتر وغيظ.وذلك بان يلعب دور الكبار فى بعض انماط اللعب الايهامى ويضرب من هم اصغر منة او يقوم بضرب الدمى و الالعاب و ربما يوجة لها نفس العبارات التى كان يوجهها لة الكبار و يمارس الضرب والعقاب بنفس الطريقة و الاسلوب ويكون لعب الاطفال فى مثل هذة الحالة اداة تعويض يتوسلها الطفل للقيام بما لا يتمكن من القيام بة فى الواقع.
ان الطفل بحاجة الى التخفيف من المخاوف و التوترات التى تخلقها الضغوط المفروضة علية فى بيئتة و الاساليب عير الرشيدة فى تربيتة.و هو بحاجة كذلك الى تعويض النقص و الحرمان الذى يعانية من جراء ذلك سواء اكان حرمانا عاطفيا ام ماديا ام تعبيريا فيلجأ الى اللعب حيث يجد فية كل ما يحتاجة وما ينقصة فيمارسة ليستعيد التوازن الذى افتقدة من جراء التوتر والحرمان و يحقق الاشباع فى الكثير من الحاجات التى لم يستطع اشباعها فى الحياة اليومية.